بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
السَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ
ما المراد بالروح في قوله تعالى : (يوم يقوم الروح والملائكة صفا) الآية 38 من سورة النبأ ؟
يقول ابن كثير و الطبري قال بن عباس و مجاهد و أبو صالح و الأعمش
( أنهم خلق من خلق الله على صور بني آدم و ليسوا بملائكة و لا بشر و هم يأكلون و يشربون )
فهل
هذا صحيح ؟ و ماذا قال العلماء حول معنى هذا "الخلق قبل آدم " ؟ هل هم من
الجن أم لهم علاقة ببني آدم ؟ و هل كانوا مخلوقين قبل آدم ؟
جزاكم الله خيراً
اختلف المفسرون في المراد ب " الروح " في قوله تعالى :
( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا )
النبأ/38
على أقوال كثيرة ، منها هذا القول الذي ذكرت .
قال ابن كثير رحمه الله : " وقوله:
( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ )
اختلف المفسرون في المراد بالروح هاهنا ، ما هو؟ على أقوال :
أحدها :
رواه العوفي عن ابن عباس : أنهم أرواح بني آدم .
الثاني :
هم بنو آدم . قاله الحسن، وقتادة ، وقال قتادة : هذا مما كان ابن عباس يكتمه.
الثالث :
أنهم خَلق من خلق الله ، على صُور بني آدم ، وليسوا بملائكة ولا ببشر ،
وهم يأكلون ويشربون . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وأبو صالح والأعمش.
الرابع :
هو جبريل . قاله الشعبي ، وسعيد بن جبير ، والضحاك . ويستشهد لهذا القول بقوله:
( نزلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ )
[الشعراء : 193 ، 194]
وقال مقاتل بن حيان : الروح : أشرف الملائكة ، وأقرب إلى الرب عز وجل ، وصاحب الوحي.
والخامس :
أنه القرآن . قاله ابن زيد، كقوله:
( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا )
الآية [الشورى : 52].
والسادس :
أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات ؛ قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : قوله:
( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ )
قال: هو ملك عظيم من أعظم الملائكة خلقًا ".
واختار ابن كثير القول الثاني .
قال رحمه الله " وتَوَقَّفَ ابنُ جرير فلم يقطَع بواحد من هذه الأقوال كلها ، والأشبه والله أعلم أنهم بنو آدم "
انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/ 309).
وعبارة ابن جرير :
" والصواب من القول أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنّ خَلْقَه لا
يملكون منه خطابا ، يوم يقوم الرُّوح ، والرُّوح خَلْق من خَلْقِه، وجائز
أن يكون بعض هذه الأشياء التي ذكرت ، والله أعلم أيّ ذلك هو ، ولا خبر
بشيء من ذلك أنه المعنيّ به دون غيره يجب التسليم له ، ولاحجة تدلّ عليه ،
وغير ضائر الجهل به "
انتهى من "تفسير ابن جرير" (24/ 177).
واقتصر الشيخ السعدي والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله - في تفسيريهما - على القول بأنه جبريل عليه السلام .
وقال الشيخ عطية سالم رحمه الله في تكملة "أضواء البيان" (8/ 413) :
" والذي يشهد له القرآن بمثل هذا النص أنه جبريل - عليه السلام - ، كما في قوله تعالى :
( تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر)
[القدر: 4] .
ففيه عطف الملائكة على الروح من باب عطف العام على الخاص ، وفي سورة «القدر» عطف الخاص على العام .
والله تعالى أعلم ".
وليس في القول المسئول عنه أن هذا الخلق المشبه لبني آدم كان قبل آدم عليه السلام ، فقد يكون قبله ، وقد يكون بعده .
وتقدم في جواب السؤال رقم (72470)الكلام على مسألة : هل كان قبل آدم عليه السلام على الأرض أحد ؟
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (26/ 412) :
" هل كان يسكن الأرض قبل خلق أبينا آدم - عليه السلام -أحد ، أم كان هو أول المخلوقات ؟
الجواب :
لا نعلم دليلا من الكتاب أو السنة يدل على أن الأرض كانت مسكونة قبل آدم -
عليه السلام - ، غير أنه جاء عن بعض السلف ، أن الجن كانوا هم سكان الأرض
، قبل خلق آدم - عليه السلام - ، فلعل ذلك مأخوذ من أهل الكتاب
. والله أعلم .
وقد بسط القول في ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله في (تفسيره) عند قوله تعالى من سورة البقرة :
( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً )
[البقرة: 30]
فارجع إليه " انتهى .
وهذه المسألة لا يترتب عليها عمل ، ولا يضرّ الجهل بها كما قال ابن جرير رحمه الله في المسألة الأولى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب