منْ شُـقوقِ الأكـفِّ ..
ومن تَـوَرُّمِ الأقْـدَامِ ؛
تَـسَلَّلَـتْ إلى أخْمَـصِ ذاكِـرَتـي ..!
تَـبِعَـاتُ الـمَاضي ..
ومُـسْتَلْزَمـاتُ الـحَاضِرِ ،
ونَـعيقُ الـمُسْتقْبَـلِ .
أمْـَسكَ بِـيَ الـقلمُ مِنْ بَـناتِ أفْكـاري الـمُتبرِّجَـةِ تَـبَرُّجَ الـجَاهِليّـةِ ؛
متقلِّـداً سَـيْفَـهُ ،
طـارَدَنِـي إلى بُـؤْرَةِ الـتّوتُّـرِ ،
واسْتـلّ رُمْحَـهُ مَـازِحـاً ، يَـلْعَبُ بـأعْصَـابـي ..!
ثُـمَّ وَضَـعَ كَلامَـهُ في فَـمِي ،
وهَمَـسَ في أُذُنِـي ..
" الـكَلْبُ الـحَيُّ .. خيْـرٌ مِنَ الأسَـدِ الـمَيِّتِ " .
وتَـبسّمَ ضَـاحِكـاً ..!
عندمـا ارْتَعَـدَتْ فَـرائِـصُ " نَـمْلةِ سُليْمـانَ " الـمُثيرَةِ لِـلشّغَـبِ ؛
وَمِنْ صَميـمِ قَـلْبي ..!
رَدّتْ عليْهـا نَقيـقُ الضّفـادِعِ بِـأحْـسنِ مِنْهـا .
*****
طَـرَقَ الـقلمُ أبَـوَابَ الـحِكْمَـةِ الـسّبْعَةِ ..!
مِنْ بـيْنِ الـقيلِ والـقَـالِ ؛
اسْـتَعَـارَ رأسـي الـمُثْقَـلِ بِـزُبُـرِ الـحَديـدِ ؛
وأزالَ الـقِناعَ عن وجْهِـهِ الأبْـرَصِ ..!
صـلَّى معي صَـلاةَ الجَنَـازَةِ جَمْعـاً وقَصْـراً ؛
على الـذّينَ قَـضُوا نَـحْبَهُـمْ ، والـذّينَ يَـنْتظِـرونَ دَوْرَهُـمْ ؛
وَرَتّـلَ في غيْبوبَتِـهِ االإيـمانيِّـةِ ؛
" أرأيْـتَ الـذّي يُـكذِّبُ بـالـدِّيـنِ " ..؟
ثـم ألْـقَى الـنّظْرَةَ الأخيـرةَ على نَـعْشي ؛
مَطْبوخـاً بـالأرزِّ والـصّنوبَـرِ على مَـائِدةِ الـمَوْتِ ..!
وَبَـارَزَ اسـْتِسْلامـي حتّى تَـباشِـيرِ الـصّباحِ ,
تـسلّقَ أسْـوَارَ قـُنوطـي ..
وكتَـبَ على وَاجِهتـي الـمتآكلـةِ بعمليّـاتِ الحَـتِّ والـتّعْريَـةِ ؛
" الأنْهـارُ كلّهـا تجْـري إلى الـبحْـر .. والـبحْـرُ لايَـمْتلـئُ " .
*****
في سِبَـاقٍ مَعَ الـزّمَـنِ الـرّديء ..!
أمْسكْـتُ بِـخِنـاقِ الـقلمِ ؛
وأسْقطْـتُ على ريـشَتِـهِ الـذّهبيّـةِ جَميـعَ ظِـلالَـي ؛
وحجـبْتُ في الـلّيْـلِ ؛ ضـوْءَ الـشّمْسِ بـغِرْبـالـي ..!
وبـكلِّ جُـرْأةٍ :
قلْـتُ لـلضّحِـكِ ..
في عَصْـرِ أسْلِحَـةِ الـتّدْميرِ الـشّامِـلِ :
" فيـكَ مَـسٌّ من الـجُنونِ ..!
لكـنّ حِكْمَـةُ الـمِسْكينِ مُحْتَقَـرَةٌ ؛
وكلامُـهُ غَيْرُ مَـسْموعٌ .. في مَغـارِبِ الأرْضِ ومَـشَـارِقِهـا "..!
زَجَـرْتُ طيْـري فَـوْقَ جُمُوعِ الآلامِ الـمُتراكِمَـةِ على أنْيَـابِ الـدّهْـرِ ,
وكشـفْتُ لكُمْ عنْ سيقـانِ حِسـابـاتـي ؛
وسِـلْسلـةِ هَـزائمـي في سُـوقِ الـنّخـاسَـةِ ,
ولُـعْبَـةِ شَـدِّ الـحَبْلِ مع الله .
*****
اسْـتَعَـارَ الـقلمُ رأسـي مَـرّةً ؛ تِـلْوَ الـمَرّةِ ..!
فـلما نَفـذَ الـبَحْرُ ,
اسْتَعَـارَ أنـامِلِـي الـحُبْلى تـارَةً أخْـرى ..!
لـديْـهِ جَـيْشٌ عَـرَمْـرَمٌ مِنَ الأحْـدَاثِ الـمَعْسولَـةِ ؛
والـنِّقـاشُ .. غيْـرُ قـابـلٍ لـلتـأجيـلِ ،
يـوم الـتفّـتِ الـسّاقُ بـالـسّاقِ ؛ عُـرْيـانـاً خـرجَ من بطْـن أمِّـهِ ..!
وعُـرْيَـانـاً يَخْـرُجُ الآنَ مِنْ غِمْـدِهِ ؛
يَـنْزِعُ خَـوْذَةَ الـحَيَـاءِ في مُنتصَـفِ الـلّيْلِ ويَـتَهَجّـدُ في صَوْمَعَتـي ..!
يَـتَوَضّـأ بِـدَمْعتـي .. الّـتي تَـنْبعُ منْ حُشـاشـتي ,
وتَـصُـبُّ دونَ خَـريـرٍ في جَـوْفِ الـعَمَالـقَـةِ ؛
وهـمْ يَـكْنِزونَ الـذّهـبَ والـفِضّةَ ،
ويَطْرحُـونَ الـفَقْرَ أرْضَـاً في حَلَبَـةِ الـصِّراعِ الـطبقيِّ .
" وَتَـرى الـنّاسَ سُكـارَى وَمَـا هُـمْ بِـسُكَارَى " .
أيْـقَنْـتُ حتّى الـثّمـالَـةِ ..!
" أنّ نَـوْمَ الـعامِـلِ لـذيـذٌ ،
سَـوَاء اً أكـلَ كثيـراً أمْ قليـلاً ..
أمّـا شَـبَعُ الـغني ِّ ... فـلا يَـتْرُكـهُ يَـنامُ " .
*****
على ضِفَـافِ الـفَجْـرِ ..!
نَطَـقَ الـقَلَمُ بِـلسـانِ الـدِّيـكِ الـفَصيـحِ ؛
" يَـوْمَ تـنْكَسِـرُ أغْصَـانُ الّـلوْزِ ؛
ويَـكْثُرُ الجَـرادُ في الأرْضِ .. فَـيَأتـي على الأخْضَـرِ والـيَابِـسِ ؛
فيمـا يَـمْضي الإنْـسانُ إلى بَـيْتِـهِ الأبـديِّ لِـيَلْتَحِـفَ بِـأعْمَـالِـهِ ..!
الحكيـمُ .. مَنْ عَيْنُـهُ في رأسِـهِ ،
أمّـا الجَـاهِـلُ.. فقَـدْ انْـتَعَلهـا في قـدَمَيْـهِ "
سَيَـْسقُطُ في هـاوِيَـةِ الـتّعَبِ والـشّقاءِ ،
هُنـاكَ .. يَـكونُ الـبُكاءُ وصَـريـرُ الأسْنـانِ .
*****
أقـولُ لَـكُمْ الـحَقّ .. الـحَقّ ..!
أنّ كـلامَ الـحُكمـاءِ كالـعُصِيِّ والأوْتـادِ ؛
بهـا أهُـشُّ على غَـنَمي ,
وعلى قطـيعِ آلامِكُـمْ .. ولـي فيهـا مـآربُ أخْـرى .
" حِكْمَـةُ الإنْـسانِ تُـنيرُ وَجْهَــهُ " ؛
والـعيْنُ لا تَـشْبَعُ مِنَ الـنّظرِ ..!
إلى مَـشَاهِـدِ الـبُؤْسِ في طريـقي إلى تَـتْويـجِ الـطُّغـاةِ .
والأذُنُ .. لا تَـمْتلِئُ مِنَ الـسّمَاعِ ؛
إلى بُـكاءِ الأطْفـالِ ، وَصَـرخَـاتِ الـبَاعَـةِ في الـسٌّوقِ الـسَّوْدَاءِ ..!
مـا مِنْ جَديـدٍ تَـحْتَ الـشّمْسِ ؛
والـكسْلانُ يَـطْوي يَـدَيْـهِ ويَـقولُ :
" حَفْنَـةٌ راحَـةٍ خَيْـرٌ مِنْ حَفْنَتـيّ تَعَـبٍ و وقَبْضَـةَ ريـحٍ "
غـداً سَـتُمْطِرُ الـسّمَـاءُ ذَهَبَـاً وفِضّـةً ..
بهـا ؛
سَـتُعْتَـقُ رِقـابُ الـعَبيـدِ ,
وتُـفْتَحُ أبْـوَابُ الـجَحِيـمِ على مِصْـراعَيْهـا.
*****
أرَى الـنّادبـينَ يَـطوفـونَ في الأسْـوَاقِ ..!
يَـقْرعـونَ طُـبولَ الـحَرْبِ ؛
لـيْسَ لأحَـدٍ سُـلْطـانٌ على الـرّوحِ .. فـيَمْنَعُهـا مِنْ مُفـارَقَـةِ الـجَسَدِ ,
وأعْـرِفُ تَـمَامـاً ..!
كـما أعْـرِفُ اسْـمي في حَـلِّ الـكَلِمـاتِ الـمُتقاطِعَـةِ ؛
" أنّ مَنْ ازْدادَ مَـعْرِفَـةً .. ازْدادَ كَـآبـة ً" .
صَـرَخْـتُ بـأعْـلى صَـوْتـي ؛
حتّى انْهـارَتْ جُـدْرانُ الـكرَامَـةِ فـي سِـرْوَالِـي ..!
وَتَـسَاقَطَـتْ عليّ قنَـابِـلُ الـنّابـالـمِ رُطَبَـاً جَنِيّـاً .
"مـا جـاءَ بِـكَ يـا ابْنَ الـخَطّـابِ " إلى زِنْـزانَـةِ تـفْكيري ؟
ربّـتَ على كَتِفـي ،
وتََـلا عليّ ؛ ورائِحَـةُ الـبَارودِ تَـزْكُـمُ أنْـَفهُ ..!
" طَـهَ .. مَـا أنْـزَلْنـا عَليْـكَ الـقُرْآنَ لِـتَشْقـى " .
لـكنْ يـا صَـدِيقـي..!
" تَـبْقى الـحِكْمَـةُ .. خَـيْرٌ مِنْ آلاتِ الـحَرْبِ " ؛
والـقَلَمُ خَيْـرٌ مِنَ الـسّيْفِ .
*****
للامانة منقول من المهندس محمود خليل