لقد حلت في نفوسنا غصة, وفي عيوننا دمعة, وفي قلوبنا لوعة
خرج المنتخب السوري من بطولة كأس أمم آسيا خروجاً حزيناً كما لم يحصل من
قبل..
لامس منتخبنا التأهل بتقدمه على المنتخب الأردني في الشوط الأول, إلا أن
أخطاء علي دياب ومصعب بلحوس ساهمت في إقصاء سورية عن التأهل للمرة الأولى
في تاريخها إلى الدور الثاني..
من ينظر إلى حماسة لاعبي منتخبنا طيلة أيام البطولة, وخلال المباريات
الثلاث, وتفوقهم على المنتخب السعودي ذو الاسم الكبير, ومجاراتهم
لليابانيين وخسارتهم ظلماً أمامهم, والخسارة الأخيرة اليوم أمام الأردنيين
بعد أن كانت زمام المبادرة ملك أيدينا, ينفظر قلبه على النهاية الحزينة
لمنتخب شجاع..
والله إن السوريين في هذا الموقف يثمِّنون كل قطرة عرق سقطت من لاعبينا
الأبطال, ويقدرون كلَّ نَفَس لهَج بروح الفوز, لكن الركض والحماسة لا تنفع
وحدها لتهدي لنا بطولة, أو تكسبنا تأهلاً..
حتى المدرب تيتا الذي شعرنا للحظات أنه يود أن يركض مع اللاعبين ويسجل
عنهم, ويدافع عن ألوان سورية, وكأنها ألوان رومانيا بلاده, شعرنا كثيراً أن
تيتا ابن سورية, وليس أجنبياً سيرحل بعد انتهاء عقده..
لكن ليس بتيتا يكون التأهل, فموضوع التأهل لايكون بمدرب انتحاري يستلم
دفة المنتخب قبيل البطولة بأيام بعد تخبط في موضوع المدرب مابعده تخبط..
من ينظر بتجرد وواقعية, ودون النظر إلى حماسة لاعبينا منقطعة النظير,
يجد أننا هُزمنا من اليابان والأردن, ولم نحقق الفوز إلا على منتخب
السعودية في أسوأ صورة ظهر بها في تاريخه الآسيوي, والذي مني بخماسية
يابانية بيضاء.
يجد أن نتائج المنتخب سيئة لا ترقى إلى حافة التأهل..
التأهل لايكون بتصريحات رنانة من إداريي المنتخب ورئيس إتحاد الكرة,
وكأنهم ينسبون التأهل المضمون إلى خطاباتهم الحماسية قبيل سفر المنتخب,
وتحديداً بعد هرب مدرب المنتخب المزعوم ليخاطبهم فاروق سرية بأن لديه رجال
يأكلون الأرض ولايهابون الموت, وكأن المنتخب ذاهب إلى معركة وليس إلى بطولة
بكرة القدم..
تابع هذا الشحن إعلام يلعب على أوتار القلوب, ويستثير مشاعر اللاعبين
والجمهور بطرق مقبولة وغير مقبولة, كان أقساها على الإطلاق حديث الإعلام
إلى عائلة اللاعب نديم صباغ, فصور لنا والدته وهي تبكي بحرقة, ووالده المسن
يكاد ينهار في مكالمة هاتفية مع ولدهما, الأمر الذي جعل ابنهما اللذان
طالباه بالفوز بحرقة, يخرج في مباراة اليابان ببطاقة حمراء لاندفاعه الزائد
رغبة منه في تحقيق الفوز على اليابان واستعجال التأهل, فخسرنا نديم في
المباراة الأهم مع الأردن, ذات الشحن أثر على علي دياب ومصعب بلحوس اللذين
فقدا الانسجام في مناسبتين, هاتين المناسبتين كانتا كفيلتين بإقصاء منتخبنا
الوطني خارج البطولة..
بصراحة ومن الآخر, وهذا ماأراه من وجهة نظر شخصية:
كرة القدم في بلادنا لن تتطور بوجود قيادة رياضية من العصور
الحجرية, باتت تتنازع المراكز القيادية كلعبة الكراسي الموسيقية, فمن يتوقع
في بلد في العالم غير سورية أن يستلم رئيس إتحاد الكرة شخص سبق أن
أُقصي من هذا المنصب وحل إتحاده بتهمة الفساد, ليعود التاريخ ويكرر نفسه
ويعود على رأس عمله بالتهليل والتصفيق..
كرة القدم في بلادنا لن تتغير حتى يتغير القائمون عليها, والدوري في
بلادنا ضعيف لم ينتج إلا لاعبين محدودو الإمكانية, وحدهم لاعبونا المحترفون
صنعوا الفارق, فالمنتخب اعتمد بشكل رئيس على جهاد الحسين وفراس الخطيب
ووائل عيان وسنحاريب ملكي..
عندما يصبح دورينا قوياً, يعج بالمدربين الأكفاء, إن كانوا أجانب أو
محليين مشبعين بالشهادات التدريبية من الخارج, وعندما نستقدم مدرباً
أجنبياً عليه القيمة, بدلاً من (شحادة المدربين) من الأندية كالإتحاد
والوثبة, سيصبح لدينا منتخب قوي يمتلك مستوى فنياً رفيعاً, عندها لو أضيف
الحماس الذي نمتلكه, والجمهور الذي تتمناه آسيا بأسرها, لن نتأهل إلى ربع
النهائي فحسب, بل سننافس على كأس البطولة..